شاعر الشباب صديق مخلص جدا
عدد الرسائل : 50 تاريخ الميلاد : 17/04/1993 العمر : 31 المزاج : كرة القدم احترام قوانين المنتدى : جنسيتك : مصرى مطربك المفضل : عبد الحليم حافظ ناديك المفضل : نادى الاسماعيلى فيلمك المفضل : القلب الجريح نوع موبيلك : N95 السٌّمعَة : 3 نقاط : 17261 تاريخ التسجيل : 10/04/2009
| موضوع: الازمة الإقتصادية العالمية الأربعاء مايو 06 2009, 11:21 | |
|
لقد كثر الحديث في هذه الأيام عن المشكلة الاقتصادية العالمية، فقد أثرى الكتاب والمفكرون الصحف والمجلات عن أسباب هذه المشكلة وكيفية القضاء عليها، ووجدت نفسي أنا الآخر مشدودا إلى الكتابة في هذا الموضوع بحيث أبين وجهة نظر الإسلام والمفكرين الإسلاميين في أسباب المشكلة الاقتصادية. وحينما نرجع إلى فكر الاقتصاد الغربي نجد أن المفكرين يرجعون المشكلة الاقتصادية في ظل الاقتصاد الرأسمالي في أن الموارد الطبيعية للثروة لاتستطيع أن تواكب المدنية وتضمن إشباع جميع مايستجد خلال التطور المدني من حاجات ورغبات. أما الإسلام فإنه لا يعتبر المشكلة مشكلة الطبيعة وقلة مواردها، ذلك لأن الطبيعة في نظر الإسلام قادرة على تلبية حاجات حياة الإنسان، وإنما المشكلة تكمن في الإنسان نفسه، ذلك لأن الآيات القرآنية تؤكد أن الله تعالى قد حشد في هذا الكون الفسيح كل مصالحه ومنافعه، ووفر له الموارد الكافية لإمداده بحياته وحاجاته المادية، قال تعالى (الله الذي خلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرت رزقا لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار (32) وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار (33) وآتاكم من كل ماسألتموه وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها إن الإنسان لظلوم كفار(34) (سورة إبراهيم الآيات: 32-34). لذا فإن المشكلة كامنة في الإنسان نفسه، لأنه هو الذي أضاع الفرصة التي منحها الله له، وذلك بظلمه وكفره، فإن ظلم الإنسان لأخيه الإنسان وكفره بالنعم التي منحها الله له هما السببان الأساسيان للمشكلة الاقتصادية في حياة الإنسان، إلى جانب إهماله استثمار الطبيعة وموقفه السلبي منها، وعدم استغلاله لجميع المصادر التي تفضل الله بها عليه استغلالا تاما، ذلك لأن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق وتكفل برزقهم، قال سبحانه وتعالى (إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين) (سورة الذاريات: الآية 58). وقال تعالى (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين).(سورة هود: الآية 6). ونجد أن الإسلام قد كفل محو الظلم بما قدمه من حلول لمسائل التوزيع والتداول، ونجده قد عالج جانب التوزيع بما وضعه من مفاهيم من الإنتاج والتوزيع والتداول. وبهذا فإن المشكلة الاقتصادية في الإسلام إن علماء المسلمين عزوها إلى ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، وقد استدل الإمام ابن الجوزي على ذلك وقال: إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جمع خراج سواد العراق 120 مليون درهم، وعمر بن عبدالعزيز جمعه 100 مليون درهم وقال: إن أطال الله في بقائي فسأجمعه كما جمعه ابن الخطاب. فالحجاج بن يوسف أتى بين الاثنين، وبالرغم من المشاريع التي أقامها من بناء سدود وإنشاء قنوات ري وصرف في شط العرب فقد جمعه 18 مليون درهم، ومعروف لدينا أن الحجاج كان مشهورا بظلمه. ولقد شرح المفكرون المسلمون أمثال أبو يوسف والماوردي وابن خلدون بأن العدل من الناحية السياسية والاجتماعية وأثر ذلك على الناحية الاقتصادية والمالية العامة، إذ يرو أن عدل الحاكم فيما يتعلق بالناس من حقوق في أموالهم أو حقوق مدنية على أعمالهم هو الذي يؤدي بالرعية إلى الشعور بالاطمئنان ويحفزهم على الإقبال على العمل والجد فيه، وبالتالي يكون هنالك نماء في العمران وإشاعة فيه وبقاء للحكم واستمراره، وعندما يكون هناك اعتداء على أموال الناس وحقوقهم أو غمطهم إياه فيكون إحجام الناس عن مزاولة الأعمال وركود النشاط لفقدهم شعور الثقة، وهذا بدوره يؤدي إلى الكساد الاقتصادي الذي يؤدي إلى تدهور العمران، وبالتالي ضعف إيرادات الدولة وقلة نفقاتها.
[size=24]للموضوع بقية انتظروها .
[/size] | |
|
شاعر الشباب صديق مخلص جدا
عدد الرسائل : 50 تاريخ الميلاد : 17/04/1993 العمر : 31 المزاج : كرة القدم احترام قوانين المنتدى : جنسيتك : مصرى مطربك المفضل : عبد الحليم حافظ ناديك المفضل : نادى الاسماعيلى فيلمك المفضل : القلب الجريح نوع موبيلك : N95 السٌّمعَة : 3 نقاط : 17261 تاريخ التسجيل : 10/04/2009
| موضوع: تابع الازمة الأقتصادية العالمية الأربعاء مايو 06 2009, 11:27 | |
| بقية الموضوع
ونجد أن القاضي أبا يوسف أكثر النصح لهارون الرشيد أمير المؤمنين إذ حثه على العدل والإنصاف لأن فيه تعمير البلاد، ونجد أن الماوردي يقول في هذا المعنى: (أما القاعدة الثالثة من القواعد التي بها تصلح الدنيا حتى تصير أحوالها منتظمة فهما عدل شامل يدعو إلى الإلفة ويبعث على الطاعة وتعمر به البلاد وتنمو به الأموال ويكثر معه النسل ويأمن به السلطان). كما نجد أن ابن خلدون يقول في هذا المعنى في مقدمته إن الظلم مؤذن بخراب العمران فقال: (اعلم أن العدوان على الناس في أموالهم ذاهب بآمالهم في تحصيلها واكتسابها، لما يرونه حينئذ من أن غاياتها ومصيرها انتهى بها من أيديهم وعلى قدر الاعتداء ونسبته يكون انقاض الرعايا على السعي في الاكتساب والعمران، ووفوده ونفاق أسواقه إنما هي بالأعمال، فإذا قصر الناس عن المعاش كسدت أسواق العمران وانتقصت الأحوال وتذمر الناس في الآفاق في طلب الرزق، فخف ساكن القطر وخلت دياره وخربت أمصاره واختل باختلاله حال الدولة). وقال ابن خلدون: (ولا تحسبن الظلم إنما هو أخذ المال من يد مالكه من غير عوض ولا سبب كما هو مشهور بل الظلم أعم من ذلك، وكل من أخذ ملك أحد أو غصبه في عمله أو طالبه بغير حق أو فرض حق لم يفرضه الشرع فقد ظلمه). فجباية الأموال بغير حقها ظُلمةٌ والمنتهبون لها ظَلمةٌ والمانعون لحقوق الناس ظلمة ووبال، ذلك كله عائد على الدولة بخراب العمران وقال: (ومن أشد الظلومات وأعظمها في إفساد العمران تكليف الأعمال وتسخير الرعايا بغير حق وذلك أن الأعمال من قبيل التمولات). ونجده هنا يمنع السخرة. وقال أيضا: (وأعظم من ذلك في الظلم وإفساد العمران والدولة التسلط على أموال الناس بشراء مابين أيديهم بأبخس الأثمان ثم فرض البيع عليهم بأرفع الأثمان على وجه الغصب والإكراه في البيع والشراء، فلم يرخص للدولة بأن تقوم بدور التاجر المستغل الجشع مما ينتفي معه العدل بالمعنى الاقتصادي، وهو الحصول على العائد المستحق دون مخالفة الأحكام الشرعية. وهنا نجد أن العلماء المسلمين أجمعوا على أن أساس المشكلة الاقتصادية هي الظلم وقد حللوا هذا السبب، ومن هنا نجد أن الإسلام حرم الظلم فالحديث القدسي يقول: (ياعبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا). ولقد وردت آيات عديدة في القرآن الكريم تحرم الظلم. فالظلم إلى جانب الأضرار التي حللها ابن خلدون فإن عاقبته من الله هو تقتير الرزق وذلك بعدم غزارة الإنتاج، وهذا ما أشار إليه الإمام ابن الجوزي رحمه الله، فإذا كان الحجاج بن يوسف يعتبر حاكما جائرا بالنسبة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه وعمر بن عبدالعزيز رحمه الله، فكيف الحال بالنسبة لزعماء الصهيونية العالمية سواء كانوا يهودا أو نصارى أمثال جورج بوش وشارون وبيريز وايهود اولمرت وبارك ونتنياهو وتسيفني ليفني وليبرمان.. والقائمة تطول، فإن الحجاج يعتبر حاكما عادلا إذا ماقورن بهؤلاء ورأينا كيف أن الإنتاج في العراق في زمنه انخفض انخفاضا كبيرا بالرغم من الإصلاحات التي قام بها. فالصهيونية العالمية هي التي خططت ودبرت أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وقد ذكر تفاصيل هذا التدبير الكاتب الفرنسي تيري ميسان في كتابه الحقيقة المرعبة، وقد ترجم إلى العربية، ومن بين الأدلة الظاهرة على أن الصهيونية العالمية هي التي قامت بتدبير هذا الحدث، إذ يوجد أربعة آلاف يهودي يعملون في مركز التجارة العالمية، ولم يصب أحدهم بأذى، كما أن مالك المبنى هو يهودي، وقام بتأمين المبنى بثلاثة أضعاف قيمته الفعلية لأنه متأكد من أن المبنى سوف ينسف. كذلك وجدت فرقة من الموساد الإسرائيلي تقوم بتصوير الحدث وقت وقوعه، فكيف يعرفون وقت الحدث إذا لم يكونوا هم الفاعلون الأساسيون فيه.والذي يريد مزيدا من التفاصيل يرجع إلى كتاب تيري ميسان، وكذلك إلى مقابلة أحمد منصور في برنامجه بلا حدود في موقع قناة الجزيرة مع ضيفه عضو مجلس النواب الأمريكي الأسبق عن ولاية لويزيانا، ورئيس منظمة الحقوق والوحدة الأوربية والرئيس السابق للحزب الجمهوري في لويزيانا السيناتور ديفيد ديوك وقد أذيع اللقاء يوم 11 ـ 9 ـ 1423هـ الموافق 16 ـ 11 ـ 2002م). المهم هم الصهاينة الذين دبروا تلك الاعتداءات الإرهابية المأساوية كي يهاجموا دولا اسلامية باتخاذهم الحدث ذريعة . فجمع جورج بوش العالم الأوروبي وبعض الدول الآسيوية وغزا أفغانستان وقتل الأطفال والنساء والشيوخ في منازلهم الذين لاذنب لهم ولا خطيئة، كذلك غزا العراق وفعل فعائله الشائنة فيه من قتل وتدمير وهدم للمساجد وكان يريد غزو معظم الدول العربية وتفتيتها إلى دويلات، وأخيرا أوعز إلى إسرائيل بغزو لبنان وأمدها بالقنابل الفسفورية والعنقودية والقنابل الذكية، وقتلوا الأطفال والنساء والشيوخ وهم في منازلهم وخربوا الديار اللبنانية. كما أن إسرائيل قلبت ظهر المجن على انتفاضة الفلسطينيين الأخيرة، فبعد أن كان العالم يتعاطف مع الفلسطينيين فإنه بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر قلبوا هذا التعاطف إلى حقد وازدراء للفلسطينيين فأوغلوا في قتلهم وقتل قيادات المقاومة وعلى رأسهم الشيخ أحمد ياسين رحمه الله. ثم كان مؤخرا عدوانهم على غزة حيث قاموا بهدم المساجد والمستشفيات والمدارس ودور المدنيين الآمنين من أطفال ونساء وشيوخ، فأي ظلم أفدح من هذا الظلم الذي يمارس على المسلمين؟. فإذا كان العلماء كما سبق شرحه يقولون إن ظلم العباد في أموالهم يعتبر من أكبر جرائم الظلم فكيف الحال بقتل المواطنين الأبرياء العزل من نساء وأطفال وشيوخ؟ ألا يعتبر هذا من أفدح جرائم الظلم؟. من هنا ندرك أن أسباب الأزمة الاقتصادية العالمية هو تكالب الأمم على المسلمين ونهب أراضيهم وثرواتهم وقتلهم، ألا يعتبر هذا هو سبب الأزمة العالمية التي يعيشها العالم اليوم. إن اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية أخذ يتراجع وبصورة مخيفة إلى الوراء بالرغم من ضخ الأموال من قبل الدولة على المصارف وعلى شركات صناعة السيارات وغيرها بمليارات الدولارات، فإن المشكلة لازالت تتفاقم والسبب في ذلك ظلم الولايات المتحدة ودول غرب أوربا لازال قائما، ولم يتراجعوا عن ذلك، وأنا هنا أقول أن خططهم الاقتصادية لن يكتب لها النجاح إن لم يعالجوا القضايا التالية: 1 ـ أن تحل المشكلة الفلسطينية حلا عادلا بأن تقوم دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة من قبل إسرائيل في عام 1967م بما فيها القدس الشرقية وأن يعاد اللاجئون إلى موطنهم فلسطين، وأن تقوم دولة فلسطينية كاملة السيادة لاتخضع لإسرائيل في أي حرية من حرياتها، وأن تزال جميع المستوطنات التي على الأراضي التي احتلت في عام 1967م. 2 ـ أن يرحل الجيش الأمريكي جميعه من العراق وأن تعطى العراق استقلالها التام دون أي نفوذ أو سيطرة للولايات المتحدة الأمريكية عليها، وأن لا تبقى أي قاعدة على أراضيها، وأن تعوض العراق والعراقيين عما دمرته الحرب من نفوس وأموال. 3 ـ أن تنسحب جميع الجيوش من أفغانستان ويتركون الأفغان يقررون مصيرهم بأنفسهم وأن يختاروا الحكم الذي يرتضونه، وأن يعوض الأفغان عما دمرته الحرب من نفوس وأموال وخلافه.فإذا تحقق ذلك ولم يتسلط زعماء أمريكا ودول أوربا على غيرها من الدول من دول العالم الثالث فإن الخير سوف يعم العالم وسوف يعيش في بحبوحة من العيش
| |
|
شاعر الشباب صديق مخلص جدا
عدد الرسائل : 50 تاريخ الميلاد : 17/04/1993 العمر : 31 المزاج : كرة القدم احترام قوانين المنتدى : جنسيتك : مصرى مطربك المفضل : عبد الحليم حافظ ناديك المفضل : نادى الاسماعيلى فيلمك المفضل : القلب الجريح نوع موبيلك : N95 السٌّمعَة : 3 نقاط : 17261 تاريخ التسجيل : 10/04/2009
| موضوع: تابع بقية الازمة الاقتصادية العالمية الأربعاء مايو 06 2009, 11:32 | |
| باقى الموضوع الجزء الثالث
إذا كان هناك أزمة مالية في العالم فلأنها حرب عالمية وليست مجرد أزمة تضرب النظام الاقتصادي الرأسمالي برمته ابتداء
من رأس المال وانتهاء بالعقيدة اللبرالية وكل منتجاتها من قيم ومفاهيم ومصطلحات ومعتقدات وموجودات مادية أو معنوية، ولأنها منظومة ربوية شيطانية غير قابلة للحياة إلا لأمد معين لا بد أن يحين أجلها. وها هو الأجل قد حان، وها هي الأصوات تتعالى، شرقا وغربا، أن لا بديل عن النظام الاقتصادي الإسلامي بوصفه الوحيد الذي يحول دون الانهيار والدمار.
وفي سياق الأزمة الراهنة تستحضرنا قصة الأديب الإنجليزي الشهير وليام شكسبير في "تاجر البندقية" حين فضح العقلية الربوية الجشعة لليهود. وجوهر القصة أن تاجرا من مدينة البندقية (فينيسيا) وقع في أزمة تمويل لتجارته عبر البحار فاستنجد بتاجر يهودي ليقرضه مبلغا من المال. أما اليهودي فاشترط في عقد الإقراض بندا يضمن فيه حقه في الدَّيْن في حالة فشل التاجر سداد ما عليه في الوقت المحدد. أما البند فيقضي بحق اليهودي أن ينتزع قلب التاجر إذا عجز عن السداد لما يحين أوانه. ووافق التاجر الذي تأخرت تجارته عن موعدها بيوم أو يومين، فما كان من اليهودي إلا أن تقدم للمحكمة مطالبا بالدين. وكاد القاضي يحكم لصالح اليهودي بموجب العقد بين الطرفين، ولم تنفع كل الوساطات والمداخلات لثني اليهودي عن إشباع رغبته العدوانية، وفي وسط المعمعة تدخل محامي (محامية)، متنكرا، ليوضح للقاضي أنه لا يمانع في تطبيق الاتفاق الوارد في العقد بشرط انتزاع قلب التاجر فقط دون إسالة قطرة دم واحدة! وبهذه الطريقة فقط نجا التاجر.
في نعومة أظفارنا كانوا يقولون لنا أن الربا هو أن أعطيك دينارا وترده لي بعد عام دينارين، لكنهم لم يعلمونا إياه بوصفه قيمة شريرة يمكن أن تتولد عنها منظومة حياة تأكل الأخضر واليابس، وأنها تنذر بشرّ مستطير، وأنه لا بد أن تمحق من جذورها قبل أن تستفحل وتمحقنا. لهذا قَلّ من تَجنّب الوقوع في الربا رغم أننا لو تتبعنا آياته في القرآن فسنجد أنها وردت مقرونة بالتوبة أو الحرب أو العذاب أو المحق في الدنيا قبل الآخرة. أما الأحاديث النبوية فحدث ما استطعت. فقد شبه الرسول صلى الله عليه وسلم المتعامل بأقل درجات الربا كناكح أمه تحت ستار الكعبة، وحين سئل صلى الله عليه وسلم عن الحلال؟ قال: يذهب. قالوا: والحرام؟ قال: هو وأهله. هذه هي سنة الله في خلقه. فحتى الحلال يذهب فكيف بالحرام؟
لكن هل تتقبل عقلية المرابين الكف عن الجشع والاعتراف بحقوق الغير للخروج من هذا المأزق الذي أوصلوا البشرية إليه؟ أكاد أجزم أنه من المستحيل عليهم أن يتداركوا الأمر، فهم لم يفعلوا ذلك منذ فجر تاريخهم ولن يفعلوه اليوم ولن يفعلوه غدا. ولا ريب أن مثل هؤلاء القوم وهذه العقلية وهذا النظام الذي صنعوه أقرب ما يكون إلى العقلية الفرعونية وفتنة السامريّ. هذه العقلية انتهت بحرب من الله ورسوله، وانشق البحر، وانهار الفرعون وأغرق جيشه ونجا موسى عليه السلام ومن معه. وكما علا فرعون في الأرض علت أمريكا فضلت وأضلت معها خلقا كثيرا، وفسدت وعاثت في الأرض الفساد، وها هي الأزمة تضرب العالم من أقصاه إلى أقصاه، ولم يعد ثمة فرد إلا وهو مستعبد، ولا دولة إلا وطالها الشرر، وما من مؤسسة إلا ويشوبها الخوف والرعب من القادم، والكل يترقب ويتهيأ للأسوأ.
لنتعمق قليلا في تداعيات الأزمة على الناس خاصة في اللحظة التي ستعقب انهيار الدولار. فالتدخل الحكومي الأمريكي هو تدخل لصالح كبار المرابين واللصوص والفاسدين، وكل ما فعلوه لا يتعدى حقيقة كسب الوقت لترتيب أوضاعهم والخروج ببعض المكاسب قبل الانهيار التام. وبدلا من معالجة المشكلة شرعوا بعقد المزيد من صفقات الفساد والسمسرة والابتزاز فيما بينهم بعد أن أفقروا الناس وسرقوا مواردهم وثرواتهم وثروات بلادهم ماضيا وحاضرا ومستقبلا حتى بدؤوا يسرقون أنفسهم. ومن الطريف حقا أن يفرض هؤلاء اللصوص على الدول الفقيرة التي لا تساوي دبوسا في حجم الاقتصاد العالمي التخلص من القطاع العام فيما هم يقومون بتأميم القطاعات الخاصة أو، بمعنى أدق، سرقتها. ومن الطريف أن يشيعوا الفساد في العالم ويبتكروا وسائل شيطانية للسرقة والنصب والاحتيال كالمضاربات المجنونة في بالبورصات المالية ثم يفتحون بنوكهم لاستقبال الأموال المنهوبة والتغطية على عملائهم ممن يدركون أو لا يدركون حقيقة الجريمة التي يرتكبونها بحق أنفسهم وبلدانهم وأهليهم وعائلاتهم.
أما موجات الغلاء الكاسحة التي هاجموا فيها الأفراد في شتى أنحاء العالم فلم يكن لها ما يبررها سوى الاستحواذ على لقمة الغالبية الساحقة من الناس، فلم يكن ثمة نقص في الأرز ولا في القمح ولا في الزيوت ولا في البقوليات ولا في الأدوية ولا في الطاقة ولا في هذه السلعة أو تلك، لكن كان هناك جشع وجنون وترهيب وتخويف واستعباد وحروب وقتل وتدمير وسلب وتهديد. هكذا انهالوا على العامة من البشر في ليلة مظلمة برفع أسعار المواد الأساسية التي بالكاد تطعم مليارات الفقراء والجوعى. فلا يستغربن أحد أن الانهيار القادم من المرجح أن يكون وليد لحظة مفاجئة ودون أية مقدمات قد لا تبقي ولا تذر، ولا يستعجبن أحد إن استيقظ ووجد ثمن رغيف الخبز عشر دولارات أو ثمن سيارته مائة دولار أو أن المدارس أقفلت أو أن الشوارع تعج بالفوضى أو .... .
أغلب دول العالم مربوطة بالعملة الأمريكية، وإذا ما انهارت فسيعني ذلك خسائر لا تعويض عنها، ولن يكون اليورو أو غيره من العملات العالمية أوفر حظا في القيمة، فكلها تتناغم فيما بينها على وقع النظام الرأسمالي الربوي سواء كان في اليورو أو بالدولار. أما الرأسماليين ذوي الأرصدة المحلية في العالم الثالث فعليهم أن يتوقعوا أن حالهم سيكون الأسوأ من بين كبار الخاسرين لأن ملايينهم حينها لن تساوي ثمن الورق الذي طبعت به، ولنا في ذلك أمثلة عديدة في العراق واليمن ولبنان وغيرها من البلدان التي شهدت انهيارات ضخمة في قيمة عملتها.
لكن كل هذا في كفة ومصير الاتحاد الأمريكي، على وجه الخصوص في كفة أخرى. فما الذي يمكن أن يحدث إذا ما ذهبت الأزمة بالولايات المتحدة الأمريكية؟ هل ستتفكك أمريكا؟ أم ستنكفئ كدولة عظمى في أحسن الأحوال؟
يرى الروس من جهتهم وغيرهم أن عصر الهيمنة الأمريكية ولّى إلى غير رجعة، وأن العالم مقدم على نظام متعدد القوى لكنهم غير واضحين بشأن الموقف من النظام الرأسمالي ذاته فيما إذا كان من الممكن استمراره على نفس الوتيرة أم أنه بحاجة إلى إصلاح أو إلغاء على طريقة تدخل الدولة مثلا. أما الصينيون فيراقبون الموقف من الأزمة وكأنها على تخومهم فقط ولن تمسهم رغم خشيتهم من انهيارات الاستثمارات الرأسمالية التي تعشش في بلادهم بشكل هستيري. فكيف سيعوض الصينيون خسارتهم إذا ما انهارت الرساميل والاستثمارات الأجنبية؟ وأين سيجدون من يشتري سلعهم الرخيصة التي خلقت اقتصادا عالميا ثالثا لن يعود بمتناول الفقراء الذين لم يعد لديهم ما ينفقونه حتى على أرخص السلع وأقلها جودة؟ وفيما يتصل باليابانيين فهم يدركون أنهم في قلب العاصفة، وها هم يضخون مليارات الدولارات لتأمين سيولة كافية في السوق من شأنها أن تشعر العامة والخاصة منهم بالأمان ولو لبعض الوقت. أليس مجرد ضخ هذه المليارات يعني أن الخوف يتملكهم من شتى الاتجاهات سواء على اقتصادهم أو على استثماراتهم في الولايات المتحدة؟ وعلى الصعيد الأوروبي فثمة خطر محدق دفع الاتحاد الأوروبي إلى تخصيص قمة للنظر في الأزمة وتداعياتها التي بدأت تضرب بشكل مباشر أنظمتها المالية خاصة في بلجيكا وبريطانيا.
إذن العالم في حرب. ويا لها من مفارقة! فما من حرب عالمية فتاكة إلا وكانت الرأسمالية مصدرها والغرب مسرحا لها. لكن مركز الحرب هذه المرة ومصدرها هي أمريكا وليس ألمانيا ولا اليابان ولا بريطانيا أو فرنسا. وهاتان الأخيرتان لم تعودا سيدتا العالم، أما ألمانيا واليابان فقد أخرجتا من حيز التهديد العسكري لغيرهما. فهل ستخرج الولايات المتحدة؟
بالتأكيد ليست الولايات المتحدة فوق الانهيار، ومن يعتقد بأنها محصنة أو معصومة فهو يعيش في كوكب آخر وخارج التاريخ والزمن والسنن. ولا شك أن الفرق بين انهيارها والاتحاد السوفيتي كبير. ولنبدأ بضبط سمات الأخيرة. فالاتحاد السوفياتي كان دولة عظمى لها مركز ضخم تدور في فلكه بقية الدول، فكان من السهل أن ترث روسيا هذه الدولة بدعم عالمي واعتراف غير منقوص ولا حتى محل جدل. وبالتالي أمكن استيعاب الاتحاد السوفييتي عسكريا واقتصاديا بسلاسة ورقّة منقطعة النظير في إطار النظام الدولي القائم بكل ما يشتمل عليه من مؤسسات وعلاقات قوة.
| |
|
شاعر الشباب صديق مخلص جدا
عدد الرسائل : 50 تاريخ الميلاد : 17/04/1993 العمر : 31 المزاج : كرة القدم احترام قوانين المنتدى : جنسيتك : مصرى مطربك المفضل : عبد الحليم حافظ ناديك المفضل : نادى الاسماعيلى فيلمك المفضل : القلب الجريح نوع موبيلك : N95 السٌّمعَة : 3 نقاط : 17261 تاريخ التسجيل : 10/04/2009
| موضوع: اخر جزء فى الازمة الاقتصادية الأربعاء مايو 06 2009, 11:35 | |
| باقية الموضوع السابق الجزء الأخير
أما فيما يتعلق بالولايات المتحدة فالموقف مختلف بشكل جذري. فإذا ما استوعب العالم انهيار أمريكا فقد تظل قوة عظمى منكفئة على نفسها دون أن يكون لها تأثيرا عالميا كبيرا. لكنها أقرب إلى التفكك من التوحد. فهي ليست مركزا للاتحاد الذي نشأ أصلا بالقوة والحروب فيما أسمي بالعالم الجديد. بمعنى أن الولايات المتحدة تشبه إسرائيل من حيث النشأة إلى حد كبير، فهي دولة لقيطة ليس لها تاريخ ولا حضارة متصلة ولا تعبر عن قومية أو عرق معين ولا تتمتع بأي أمان جغرافي كما هو الحال بالنسبة للاتحاد السوفيتي حيث مثلت روسيا عمقه الجغرافي والحضاري الآمن منذ فجر التاريخ. وكل ما لديها هو الرأسمال وقيم السوق، ولما ينهار السوق فمن الطبيعي أن تنهار قيمه ومؤسساته وبناه وكل منظومات العلاقات المرتبطة به.
كما أن الاتحاد الأمريكي مكون حتى هذه اللحظة من ولايات تشبه الدول المستقلة، وإذا ما ظهرت بوادر الانهيار في الاتحاد فستكون ولاياته قابلة للتفكك أكثر مما هي قابلة للتوحد، إذ قد تعمد كل ولاية إلى النجاة بنفسها، أو قد تغريها ذات القيم الرأسمالية بالانحياز إلى مبدأ الربح والخسارة في تقرير مصيرها. وحتى هذه الولايات ليست محصنة من التفكك ذاته الذي يتهدد الاتحاد.
الغريب أن أغلب كتاب العالم يتحدثون عن انهيار اقتصادي أمريكي، وقلما يتحدثون عن تداعيات مثل هذا الانهيار، وكأن الولايات المتحدة هي بريطانيا أو اليابان أو الصين! والحقيقة أن الخوف ليس من الانهيار بقدر ما هو في تداعياته وآثاره، وقد لا يسمح العالم في تفكك أمريكا، لكن إذا ما تفككت فمن الذي سيرثها؟
إننا نطرح السؤال في ضوء الهيمنة والنفوذ الأمريكيين خارج الاتحاد وخارج القارة. فثمة جيوش جرارة في شتى بقاع الأرض ابتداء من القوى العسكرية المدمرة ومرورا بالجواسيس والساسة وقوى الضغط وانتهاء بالمرتزقة والمرتهنين بمصير البلاد، وثمة اقتصاد أمريكي في الخارج، ولأنه لا وجود لوريث شرعي فسيكون حتما ثمة طامعين بالوراثة، وثمة ديمغرافيا أمريكية، وثمة .... فما هي مرجعية هؤلاء إذا ما دبت الفوضى في الاتحاد أو شارف على التفكك أو تفكك فعلا؟ وكيف سيتصرفون؟ وبأي أمر سيأتمرون؟ وكيف ستتعامل القوى العالمية مع التفكك الأمريكي؟ وما هو مصير إسرائيل؟ هل ستصمد؟ أو تبحث عمن يتبناها؟ أم ستتفكك؟
لا شك أن البشرية إزاء كارثة، والفائز من يحسن القراءة، أما أولئك الذين يصرون على دفن رؤوسهم في الرمال مراهنين على مرور العاصفة فقد لا سيستطيعون رفعها ثانية لأن كمية الرمال قد تكون كافية لدفنهم إلى الأبد
| |
|